ان حاسة الشم (الرائحة) وحاسة الذوق هما حاستان كيميائيتان. وهما الحاستان الاوليتان اللتان تطورتا حسب نظرية التطور. تكسب القدرة على التعرف على وجه التحديد على جزيئات المواد المختلفة، الكائنات معلومات غنية وحيوية عن البيئة المحيطة بها. ان السلامة الوظيفية في حاسة الشم هي امر اساسي لاستمرارية الحيوانات وكفاحها في معركة البقاء، حيث ان عند حاسة الشم هناك صلة بانظمة التكاثر، التغذية، الدفاع عن النفس وتنظيم الحياة الاجتماعية. ان قيمة حاسة الشم عند البشر، تظهر في التغذية، التموضع في البيئة، التاهب واخذ الحذر من اطعمة فاسدة او تسرب للغاز، التمتع بالزهور والعطور، وبالتالي اهميتها في تحديد نوعية حياتنا على المستوى الحسي والعاطفي.
ان الرائحة و الذوق هما حاستان ذاتا تاثير متبادل؛ والرائحة هي المسيطرة من بين الاثنتين، حيث ان اضطرابات كثيرة تتصف كمشاكل في حاسة الذوق، مصدرها في الحقيقة من اضطراب في الرائحة. توجد لدى 1% من مجموع السكان، مشكلة حادة في حاسة الشم او الذوق. قد تتمثل اضطرابات الطعم والرائحة بفقدان جزئي او كامل للاحساس، او تشوه الحاسة (تفسير ذهني خاطئ لتحفيز الرائحة، او تشغيل حاسة الشم بدون محفز الرائحة). تتطلب الشكوى حول اضطراب الرائحة او الذوق فحصا للتحقق من الشكوى والتعرف على صورتها. قد تدل تفاصيل حول تاريخ المريض (صدمة في الراس، حساسية في الانف، انفلونزا كانت قبل فقدان احساس الرائحة) والفحص البدني (سلائل انفية، علامات تدل على اصابة عصبية)، على سبب الخلل، لكن في كثير من الحالات، تبين السبب لا يتم في الفحص الاول.
اذا اشتكى المريض من اضطرابات الطعم والرائحة ، يجب التاكد من ذلك بواسطة فحوصات موضوعية، او شبه موضوعية والتي يمكنها ان تؤكد او تنفي هذه الشكوى وتقيم العيب. ان هذه الفحوصات مهمة لشركات التامين، المحاكم والطب المهني، بالاضافة الى ذلك، لاغراض البحث وتقييم خيارات العلاج الممكنة. يجب ان يتم تقييم نتائج الفحوصات نسبة للقيم المعتدلة لدى الجمهرة (population) المعينة التي يجري فحصها والفئات العمرية المختلفة، وذلك باعتبار ان وظيفة الحواس الكيميائية تقع تحت تاثير نمط الحياة ومن العادات الغذائية المحلية، وتتغير مع التقدم في السن. يواجه الطبيب، عند تحديد طبيعة وحدة الاضطراب، قائمة لـ 200 واكثر من الامراض والحالات المختلفة الممكنة، اكثر من 40 نوعا من الادوية و 20 نوعا من المواد الصناعية، التي قد تكون لها صلة بالمسببات لهذه الاضطرابات في الحواس الكيميائية.
يساهم مستوى المعرفة الحالي، في كثير من حالات الاضطراب في شم الرائحة او الذوق , في القيام بتشخيص الوضع، لكن لا يساعد في العلاج. تجري بحوث سريرية ومخبرية شاملة حول هذا الموضوع، على امل الوصول الى نهج جديد في المستوى العلاجي.
أسباب وعوامل خطر اضطرابات الطعم و الرائحة
ان مسببات اضطرابات الطعم والرائحة الاساسية والتي تم الكشف عنها في العيادات المتخصصة، بتشخيص حاسة الشم وحاسة الذوق هي كالتالي: امراض الانف والجيوب الانفية بنسبة 30% من الحالات، تلوث فيروسي يصيب الجهاز التنفسي العلوي بنسبة 14%، صدمات بالراس 11%، اسباب اخرى 20%، مجهول السبب 20%، التعرض لتلوث بيئي ومهني 5%.
اسباب اخرى للاضطراب او فقدان حاسة الرائحة و/او الذوق : عيب خلقي، ادوية، امراض مزمنة لها علاقة بالغدد الصماء (endocrine) او الامراض الايضية (مرض السكري، انخفاض بنشاط الغدة الكظرية، انخفاض بنشاط الغدة الدرقية، فشل كلوي) اورام سرطانية في الدماغ ومرض الزهايمر.
امراض في الانف/الجيوب الانفية: ان هؤلاء هم الاشخاص الذين يعانون من الحساسية الانفية، التهاب الجيوب الانفية المزمن، تضخم محارة الانف السفلية او السلائل الانفية. ينبع فقدان الرائحة من منع وصول ذرات الرائحة الى الغشاء المخاط الشمي الموجود في السقف العلوي للانف، في حين ان الغشاء نفسه سليم ونشط. يعمل فتح هذا الانسداد بواسطة ادوية او عملية جراحية، على ارجاع حاسة الرائحة بصورة مؤقتة؛ عادة ما يكون هناك تاريخ طبي مسبق لانسداد الانف، سيلان المخاط، سعل، وعموما يكون هناك صعود وهبوط في القدرة على شم الرائحة. العلاج بالستيرويدات يعتبر فعالا في استعادة حاسة شم الرائحة في معظم الحالات، مع ذلك، لا يمكن اعطاء هذا العلاج لمدة زمنية طويلة.
التهاب فيروسي في الجهاز التنفسي العلوي: ان فقدان حاسة شم الرائحة او الذوق قد يظهر بصورة مفاجئة في اعقاب نوبة من الانفلونزا. ان الحواس، في 50% من الحالات، تعود الى طبيعتها، واحيانا بعد عدة اشهر. يكمن السبب، على الارجح، في ان الفيروس يتلف الخلايا العصبية في الغشاء المخاطي الشمي. يرتبط الشفاء، في بعض الحالات، بقدرة هذه الخلايا على اعادة نموها. لا يوجد علاج فعال لهؤلاء المرضى باستثناء الانتظار.
صدمات الراس: يظهر فقدان شم الرائحة فيما لا يقل عن 5% من حالات صدمات الراس؛ انه اكثر شيوعا في الاصابات الخطيرة، لكن قد يظهر ايضا في اعقاب اصابات راس طفيفة. ان سبب الخلل، تمزق الالياف العصبية التابعة لحاسة شم الرائحة ، والتي تمر بين سقف الانف وارضية الحجرة الامامية للدماغ. لذلك فان فقدانا كاملا لحاسة الشم في هذه الحالة هو اكثر شيوعا من الفقدان الجزئي. يظهر الاضطراب الحسي مباشرة بعد الاصابة، وفي ثلث من الحالات، هنالك شفاء من هذه الاصابة.